قال مدير الدعوة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية سنجيف بيرى، إن المنظمة بالتزامن مع بدء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، تقوم بتسليم عريضة تحمل 187,365 توقيعاً إلى البيت الأبيض ضمن دعوة عالمية إلى قطع عمليات توريد الأسلحة التي تؤجج ارتكاب الانتهاكات في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة. وفي هذه العريضة يحث آلاف الأشخاص من الولايات المتحدة و166 دولة أخرى الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري على وقف تسليح إسرائيل والشروع في دعم فرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل وحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة. وقال: مع أن وقفاً لإطلاق النار يخيم على إسرائيل وغزة اليوم، فإن الجراح المفتوحة التي سبّبها النـزاع الذي دام 50 يوماً لا تزال نازفة.
ففي قطاع غزة، قُتل ما لا يقل عن 2,131 فلسطينياً، بينهم 1,473 مدنياً. وتم تدمير أو تخريب ما يربو على 18,000 منـزل وتشريد نحو 108,000 شخص من منازلهم. وكما هي الحال بالنسبة للنـزاعات التي نشبت في السنوات السبع الماضية، من المرجح تماماً أن تكون قد ارتُكبت جرائم حرب تقتضي التحقيق فيها. فقد قصفت إسرائيل المستشفيات والمستوصفات الطبية والمدارس، ومن بينها مستشفى الأقصى في دير البلح ومستشفى النجار في مدينة رفح، وألحقت بها أضراراً فادحة نتيجة للهجمات المباشرة أو لقصف الدبابات والصواريخ. كما أصبح نحو 450,000 شخص محرومين من مياه البلديات بسبب الأضرار التي لحقت بها كذلك خلال فترة النـزاع. وظل أهالي قطاع غزة، على مدى سبع سنوات، يعانون من الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع وأرغمهم على العيش الكفاف. ويعتمد 80 بالمائة من سكان القطاع على المساعدات الإنسانية.
وأضاف: ‘قُتل 71 إسرائيلياً، بينهم ستة مدنيين، وأطلقت الجماعات المسلحة الفلسطينية آلاف الصواريخ العشوائية وقذائف الهاون على إسرائيل من قطاع غزة، وهذه بحد ذاتها تعتبر جريمة حرب. ووردت أنباء عن إطلاق صواريخ عشوائية من أماكن قريبة من المستشفيات والمرافق الصحية، أو استخدام مبانٍ مدنية لأغراض عسكرية’.
وتابع بيرى: وفي الضفة الغربية المحتلة، لا تزال الحكومة الإسرائيلية تقوم بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وهو ما يصل إلى حد جرائم الحرب، ومصادرة المزيد من الأراضي لأغراض إقامة المستوطنات اليهودية الخالصة عليها. وفقدَ آلاف المدنيين الفلسطينيين منازلهم وأراضيهم الزراعية لصالح مشاريع استيطان توسعية إحلالية باستمرار، حيث تُقام عليها منازل لليهود فقط لتحل محل المجتمعات الفلسطينية، وغالباً ما يتم ذلك بقوة السلاح. وقال: إن النتائج الوحشية للممارسات الإسرائيلية تتحدث عن نفسها. كنتُ قد كتبتُ في السابق أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت من الفلسطينيين في الضفة الغربية في عام 2013 أكثر ممن قتلتهم في عامي 2011 و2012 مجتمعين.
ومنذ يناير/ كانون الثاني 2011، أُصيب ما يربو على 8,000 شخص من فلسطينيي الضفة الغربية، بينهم 1,500 طفل، بجروح بالغة نتيجة لإصابتهم بالذخيرة الحية التي أطلقتها القوات الإسرائيلية، أو بوسائل أخرى. وأضاف: إن الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري، بالاستمرار في تزويد إسرائيل بمساعدات عسكرية بقيمة 3 مليارات دولار سنوياً، إنما يساعدان على إدامة أزمة حقوق الإنسان الناشبة. أما بالنسبة للكلام الكثير عن ‘العملية السلمية’ في وسائل الإعلام الأميركية، فإن الواقع يقول إن الولايات المتحدة ما انفكَّت تزوِّد إسرائيل بالأسلحة والذخائر وكميات الوقود التي استخدمتها لتسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتشمل هذه الإمدادات، على سبيل المثال لا الحصر، قطع غيار الصواريخ الموجّهة ومنصات إطلاق الصواريخ وقطع غيار المدافع والأسلحة الصغيرة، بالإضافة إلى آلاف الأطنان من وقود الطائرات المقاتلة والعربات العسكرية.
ليس هذا فحسب، بل إن السياسة الخارجية الأمريكية بذلك إنما تحمي حركة حماس والجماعات المسلحة الفلسطينية من المساءلة في الوقت نفسه. وقال إن معارضة الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات حقيقية من قبل مجلس الأمن تعني أن البيت الأبيض يحمي جميع الأطراف من المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي اقترفتها، ويتعين على الولايات المتحدة ألا تدعم إصدار قرار بحظر الأسلحة من قبل الأمم المتحدة فحسب، وإنما دعم فكرة إحالة الأوضاع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن إدارة أوباما لم تفعل أياً من هذين الموقفين؛ والنتيجة أن الولايات المتحدة تقوم بحماية إسرائيل وحماس والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى من المساءلة العالمية. وبتفويض من مجلس الأمن تستطيع المحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيق مع الأشخاص الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإصدار مذكرات اعتقال بحقهم وتقديمهم إلى المحاكمة.
ولكن كي يتمكن مجلس الأمن من دعم مثل هذه الخطوة، يجب ألا تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض ‘الفيتو’ ضد القرار. وأشار بيري: لهذا السبب وقّع نحو 200,000 شخص من 167 بلداً على هذا النداء العالمي لمنظمة العفو الدولية. ولمناسبة اجتماع دبلوماسيي العالم في نيويورك، فإن الذين تهمّهم الحقوق الإنسانية الأساسية يطالبونهم باتخاذ إجراءات بهذا الشأن، وأن وقف إطلاق النار الحالي يجب ألا يُنظر إليه على أنه ذريعة لانتهاج السياسة الخارجية الأمريكية نفسها.